لدينا اسطول نقل لتنويع الخدمات اللوجستية المقدمة لعملائنا حيث تقدم لهم حلول نقل متعدد الوسائط مُدار بواسطة أنظمة تقنيةوخبراء ... المزيد
النقل البري
النقل البريtransportation land هو حركة الأشخاص والبضائع على اليابسة، والوسائل التي تتم بها تلك الحركة. إن تنامي حاجة الناس إلى التنقل بأعداد كبيرة ونقل كميات كبيرة من البضائع على البر براحة وأمان و في زمن قصير في العصر الحاضر يتطلب وجود وسائل نقل فعالة وسريعة وطرق صالحة لحركة تلك الوسائل. ووسائل النقل البرية كثيرة ومتنوعة، ابتداء من حمل الأشياء والسير بها أو جرّها أو تحميلها على الدواب، وانتهاء باستخدام المركبات والآلات الميكانيكية الذاتية الحركة التي تتغذى بمختلف أنواع الطاقة، إضافة إلى الطرق وخطوط النقل المناسبة لحركتها.
لمحة تاريخية
بدأ الإنسان حياته على الأرض متنقلاً ساعياً وراء طعامه وباحثاً عن مكان آمن لسكنه. ووجد في قوى الطبيعة ما يساعده، فكان في أول الأمر يحمل أشياءه على ظهره أو رأسه أو كتفه، أو يسحبها مستعيناً بأغصان الشجر أو بجذع خشبي يجرّه على الأرض. ثم استعان بالحيوانات للركوب والحمل أو الجر. ومع ظهور أول التجمعات البشرية ومقايضة فائض ما يملكه التجمع بأشياء أخرى يملكها تجمع آخر بدأت أول تباشير التجارة، فكانت سبباً في نشوء الحضارات وطرق النقل.
مرّ زمن طويل على الإنسان لم يعرف فيه من التقانة غيرالزلاجة والمقلاع. وكانت الزلاجة تتألف من جذعين خشبيين مقرونين بعوارض توثق عليها الأحمال، وتجر مستندة نهايتها إلى الأرض. ولما كانت عيوب الزلاجة كثيرة؛ فقد جرى تحسينها باختراع الدولاب والاستعانة بالحصان، فأصبحت الزلاجة مستوية السطح، وتحسنت شروط تماسها مع الأرض، وتحولت إلى عربة[ر]. وكانت نشأة هذا الاختراع في بلاد الرافدين على يد السومريين نحو عام 3500 قبل الميلاد. وأقدم شاهد عليها نقش على رقيم من مدينة أوروك (الورقاء) Uruk (Erech) يمثل زلاجة من خُشُبٍ مؤلفةٍ تعلوها بنية تشبه الصندوق سقفها مثلثي الشكل ومحمولة على أربعة دواليب مصمتة. كما عثر في القبور الملكية من مدينة أور Ur على نقش لنعش ملكي على أربعة دواليب مصمتة تجره ثلاثة ثيران، ويعود إلى أوائل الألف الثالث قبل الميلاد. وليس من المستغرب أن يتم هذا الابتكار المذهل في هذه المنطقة الحضارية العريقة، فقد كان المزارعون يمدون سكان المدن بفائض منتجاتهم، ويحتاجون إلى وسائل لنقلها. غير أن هذا النوع من وسائل النقل لم يكن يصلح لمعظم الأغراض، ربما لأن الدروب المتوافرة آنذاك لم تكن تصلح لحركة المركبات المدولبة.
بعد ألف عام من ذلك التاريخ ظهر نوع آخر من العربات هي العربة الحربية الخفيفة المطاوعة الحركة بدواليب ذات برامق spoked wheel، ويجرها حيوان مدجن لم يكن الإنسان قد استخدمه من قبل، هو الأخدري onager، وهو نوع من حمار الوحش موطنه غربي الهند وبلوجستان. وقد تم هذا التطور بعد التوصل إلى معالجة المعادن وصنع المناشير ومحاور العجلات. إن استخدام العربة الخفيفة في القتال هو الذي هيأ النصر للهكسوس (الرعاة) على المصريين، وللكاشيين على البابليين، ومكن الآريين من غزو الهند، والآخيين من غزو اليونان على قول هوميروس. وكانت قدرة الدولة على خوض الحرب تقاس بما تملكه من عربات القتال.
الشكل (1) |
ظلت العربات التي تجرها الحيوانات والطرق التي تسير عليها وسيلة النقل الرئيسية في العالم حتى أواخر القرن التاسع عشر [ر: النقل]. ولأن طاقة الحصان وقوته لم تتبدل كثيراً على مر العصور؛ فقد انحصر التطور في تحسين مردود العربة وفاعليتها وتحسين عدة الحصان وتحسين سطح الطريق (الشكل 1). وكان من أصعب إشكالات استعمال العربة ربطها بحيوان الجر المناسب، فابتكر الإنسان النير والفدان yoke والعريش. واضطر إلى تمهيد الأرض وتقسية سطحها وإزالة العوائق أمام حركة العربة بين مكان التحميل والمكان المقصود لتفريغ الحمولة، فكانت الطرق.
وهكذا توجب على كل دولة ناشئة ـ ولاسيما الامبراطوريات ـ أن تشق الطرق وتصونها من أجل تحركاتها وبسط سيطرتها وإدارة ممتلكاتها. وكان أول تنظيم امبراطوري فاعل في التاريخ ذلك الذي ابتدعه داريوس الأول ملك فارس في القرن السادس ق.م. إذ قسم امبراطوريته من الهند إلى المتوسط إلى مقاطعات satrapies، وعيّن لها حكاماً (دهاقين) يبقون على اتصال به، وكان نتاج هذا التنظيم شبكة جيدة من الطرق الملكية امتدت 2600كم ما بين العاصمة سوسة وإفسوس على ساحل المتوسط. وكانت القافلة تحتاج إلى 90 يوماً لتجتاز تلك المسافة، في حين يجتازها السعاة على الخيل في تسعة أيام. وكانت لهم محطة في كل 16كم يستبدلون فيها خيولهم. وقد تبنى العرب المسلمون فيما بعد نظاماً بريدياً مماثلاً منذ بدايات الخلافة الأموية، واكتمل تنظيمه في عهد عبد الملك بن مروان، فكان ذلك نظاماً أصيلاً.
الشكل (2) |
احتذى الرومان بشبكة طرق فارس، فأقاموا منظومة نقل مكنت امبراطوريتهم من الصمود والازدهار قروناً، وساعدت على نشر الحضارة الرومانية في معظم أرجاء العالم الغربي القديم. وتجاوز طول شبكة الطرق الرئيسية الرومانية 80000كم. وكانت الطريق تتألف من خمس طبقات من مواد مختارة بعناية مع سطح محدب وتصريف جيد للمياه بحيث يمكن للعربات الثقيلة السير عليها مهما كانت حالة الطقس. وكانت هذه الطرق متاحة للعموم، وتجتاز الأنهار والأودية على جسور جيدة البناء، وتخدمها خانات ومخافر للراحة، وتتم صيانتها على نفقة الدولة. وكان السعاة يسافرون من بريتاني إلى إسبانيا أو بلاد العرب بسرعة متوسطة تراوح بين 80 ـ160كم في اليوم بحسب الضرورة (الشكل 2).
العصور الوسطى
بعد سقوط الامبراطورية الرومانية لم تتمكن الدويلات الإقطاعية الصغيرة التي قامت في أوربا من المحافظة على مستوى جيد للنقل. فتداعت الطرق واندثر كثير منها، ولم تكن تستخدم إلا من المسافرين في جماعات. ومع أن جسوراً كثيرة ظلت سليمة، وشيِّدت أخرى جديدة، فقد سيطر عليها المتسلطون، وفرضوا إتاوات على المارة، واستغلها قطاع الطرق واللصوص. كما فرضت السلطات المحلية رسوم مرور على من يمر في أراضيها. فتقلصت التجارة أو توقفت، وتوصل كل مجتمع إلى نوع من الاكتفاء الذاتي.
غير أن حركة الناس والبضائع ظلت نشطة خارج حدود أوربا الإقطاعية. وتثبت المصادر التاريخية وكتب الرحالة والجغرافيين والحجاج العرب والأجانب سهولة التنقل على طرق القوافل بين الشرق والغرب وفي بلاد الإسلام، مع العلم أن تلك الطرق لم تكن في سوية الطرق الرومانية، وكثيراً ما كانت تتعرض لهجمات الصليبيين أو غزوات البدو. وكان ازدهار بلاد الإسلام وحركة القوافل التي لا تنقطع على طرقها الداخلية الآمنة مصدر إغراء للمغامرين والباحثين عن الثروة في أوربا المسيحية، ودفعهم التعصب الديني والطمع في ثروات الشرق إلى القيام بسلسلة حملات غزو، عرفت باسم الحروب الصليبية، بين عامي 1096ـ1270. كذلك نشط أفراد مغامرون، من أمثال جوڤاني دي بيانو كاربيني Giovanni de Piano Carpini وماركو بولو Marco Polo في رحلات إلى بلاد خانات التتار في الصين في القرن الثالث عشر، وبالغوا في وصف ثروات تلك البلاد، وجددوا صلات أوربا بآسيا. وكانت الصين قد طورت منظومة طرق جيدة في الحقبة ما بين القرن السابع والقرن العاشر شملت معظم أراضيها.
الشكل (3) |
الشكل (4) |
وفي جبال الآنديز في جنوبي القارة الأمريكية ـ التي لم تكن معروفة للأوربيين ولا للآسيويين ـ نهضت امبراطورية للهنود الحمر حكامها من الإنكا Inca، كان من أهم ملامح حضارتها طريق جبلي بطول 4800كم وعلى ارتفاع يزيد على 4000م عن سطح البحر (الشكل 3)، ويجتاز ما لا يحصى من الخوانق والأودية على جسور من حبال. وكان هذا الطريق مرتبطاً بتفرعات مع طريق آخر ساحلي معبد مواز له طوله نحو 4000كم. ومع أنه لم يكن لدى الهنود مركبات مدولبة أو خيول؛ فقد كان العداؤون والسعاة والجنود مع حيوانات اللاما المحملة بالبضائع يتنقلون بين أرجاء الامبراطورية على هذه الطرق في خدمة حكامهم الإنكا. وكان السعاة يتسابقون من محطة بريد إلى أخرى حاملين الرسائل ومجتازين مسافة 400كم في اليوم، فكانت تلك أسرع وسيلة اتصال عرفها العالم قبل اختراع البرق.
بدءاً من القرن الخامس عشر حفز النشاط التجاري المتزايد في أوربا إعادة ترميم الطرق القديمة وبناء أخرى جديدة وتحسين أداء العربات التي تجرها الخيول، فظهرت عربة الحمولة wain و«الطنبر» tumbrel (الشكل 4) وحافلة الركاب «الكوتش»coach [ر: العربات]، ومن ثم عربة الحمولة والركاب المغطاة wagon ذات الدواليب الأربعة. ومنحت إنكلترا عقود بناء الطرق إلى متعهدين خاصين، وسددت نفقاتها من مكوس المرور. وهكذا بدأ العمل منذ القرن السابع عشر ببوابات المكوس turnpikes أو tollgates عند مفاصل الطرق. وفي القرن 18 طور أساطين بناء الطرق تقنيات جديدة كاستخدام كسر الحجارة لسطح الطريق، مما سمح للعربات الثقيلة بالسير عليها من دون أن تتلفها. وأصبحت عربات الركاب تسير بانتظام على هذه الطرق فتقطعها على مراحل، وتحمل البريد معها. وكان نقل البريد من قبل مقصوراً على السعاة الراكبين. وفي عام 1784 بدأت خدمة عربات الركاب الخاصة.
وفي أمريكا كان السعاة يتنقلون على طرق سيئة. وكان الطريق بين نيويورك وبوسطن عام 1672 مخصصاً للبريد. ولم تعرف الولايات المتحدة الأمريكية خدمات عربات الركاب والنقل حتى عام 1775 أي بعد الاستقلال، إذ غدت خدمة البريد وطرقه من مسؤولية وزارة الخزانة. واضطرت الولايات المتحدة نتيجة التوسع غرباً إلى تمهيد الطرق ـ إلى جانب النقل النهري[ر] ـ لتسهيل حركة المهاجرين وللعمليات العسكرية وللتجارة بين الشرق المستقر والسواحل الغربية للقارة. ونشأ خلاف في وقت مبكر بين الولايات والحكومة الفدرالية على مسؤولية إنشاء الطرق وصيانتها.